بدعوة كريمة من المخضرم البيئي والرياضي العريق د. سيف الحجري من دولة قطر الشقيقة، تشرفنا بالمشاركة في إدارة ليلة الأمن السيبراني، وهي إحدى الأمسيات اليومية المميزة التي تنظمها الخيمة الرمضانية الخضراء، والتي واظبت منذ تسعة عشر عامًا على إشعال فضاءات الوعي وبث روح المسؤولية المجتمعية، لتصبح تقليدًا سنويًا فريدًا يجمع بين العلم والإيمان، بين الحوار والتأمل، وبين المتعة الفكرية والالتزام العملي.

إن إدارتنا لهذه الليلة لم تكن مجرد تجربة عابرة، بل مثلت لنا فرصة استثنائية لتسليط الضوء على أحد أهم القضايا المعاصرة وأكثرها حساسية، ألا وهو الأمن السيبراني. ففي عصر تتسارع فيه التكنولوجيا الرقمية وتتشابك فيه شبكات المعلومات والاتصالات، لم يعد الأمن السيبراني مجرد شأن تقني يخص خبراء الحاسوب وحدهم، بل أصبح قضية وجودية تهم المجتمعات كافة، نظرًا لتأثيرها المباشر على الخصوصية، والأمن الاقتصادي، والسيادة الوطنية، بل وحتى على نُظم التعليم والصحة والخدمات الحيوية.

لقد شهدت هذه الأمسية الرمضانية المباركة حوارًا غنيًا جمع بين المتخصصين في المجال الرقمي، وقادة الرأي، والمشاركين من مختلف الفئات العمرية، حيث تحولت الخيمة إلى ساحة نقاش مفتوحة عن المخاطر الإلكترونية المتجددة، وأساليب الوقاية، وأهمية الوعي الرقمي في حياة كل فرد. وقد حاولنا من خلال إدارتنا للنقاش أن نوازن بين تقديم المعرفة العلمية الدقيقة، وتحفيز التفكير المجتمعي المسؤول، بحيث يغادر كل مشارك هذه الليلة وهو يحمل رسالة واضحة: الأمن السيبراني ليس رفاهية، بل ضرورة حياتية تشبه الماء والهواء.

كما امتازت الليلة بجو روحاني خاص يتناغم مع أجواء رمضان، حيث اجتمع العلم مع القيم، والمعرفة مع المسؤولية، لنؤكد أن حماية الفضاء الرقمي لا تقل أهمية عن حماية البيئة أو الصحة أو الموارد الطبيعية. فالتحديات متشابهة: جميعها تتطلب وعيًا، وانضباطًا، وتعاونًا مجتمعيًا يتجاوز حدود الفرد والمؤسسة، ليشكل منظومة متكاملة من الحماية والدعم.