بتكليف إعلامي نعتزّ به، تشرفنا بتقديم مداخلة عبر قناة الأخبار ضمن برنامج «ملفات ساخنة» تحت عنوان: «للإعلام دورٌ استراتيجي في تعزيز الأمن الوطني». لم ننطلق في هذه المداخلة من التصوّر التقليدي للإعلام بوصفه ناقلًا للأخبار فحسب، بل تعاملنا معه باعتباره منظومة وعي تبني الإدراك العام، وتشكّل اتجاهات الرأي، وتشارك — مع مؤسسات الدولة والمجتمع — في إدارة المخاطر وصياغة الاستجابة لها.
على امتداد الحلقة، حرصنا على مقاربة الموضوع من ثلاثة مستويات متكاملة: المستوى المفاهيمي الذي يحدّد موقع الإعلام في بنية الأمن الوطني، والمستوى المهني الذي يربط السياسة التحريرية بقيم الدقة والمسؤولية والشفافية، والمستوى العملي الذي يترجم هذه القيم إلى إجراءات اتصالية واضحة في أوقات الهدوء والأزمات على السواء.
استعرضنا كيف يتحوّل الإعلام، حين يلتزم أخلاقيات المهنة ويستند إلى تحليل معلوماتي موثّق، إلى خط دفاع حقيقي: يقلّل الضبابية، يواجه الشائعات، ويعزّز الثقة بين المواطن ومؤسسات بلده. وفي المقابل، ناقشنا المخاطر حين تتراجع المهنية: كيف يمكن لانزلاقات بسيطة في العناوين أو الإطارات أو الصور أن تُحدث أثرًا تراكميًا على المعنويات العامة، وعلى تماسك الجبهة الداخلية، وعلى سمعة الدولة خارجيًا.
ربطنا ذلك بمشهد الاتصال المعاصر، حيث تتداخل المنصّات التقليدية مع الرقمية، وتتشابك حسابات الأفراد مع حسابات الهيئات، ويتزايد الاعتماد على خوارزميات التوصية التي تُضخّم رسائل معيّنة وتُغفل أخرى. وهنا شددنا على الحاجة إلى حَوْكمة اتصالية داخل غرف الأخبار، وسياسات تحريرية صلبة قائمة على تمحيص المصادر، وسيكولوجيا خطاب مسؤولة تراعي حساسية القضايا الأمنية وتنوّع شرائح الجمهور.
وفي الشقّ التطبيقي، قدّمنا نماذج تشغيلية لخطط اتصال قبل/أثناء/بعد الأحداث الحساسة: إعداد الرسائل المفتاحية، توحيد الخطاب بين الناطقين الرسميين، إنشاء لوحات متابعة للشائعات، وتخصيص قنوات تفاعلية تستقبل الأسئلة الحرجة وتجيب عنها بسرعة ووضوح. كما ناقشنا تكامل الإعلام مع تخصصات مجاورة — الأمن السيبراني، تحليل البيانات مفتوحة المصدر (OSINT)، إدارة الأزمات، والعلاقات الدولية — بما يصنع منضدة قرار إعلامية تتفاعل في الوقت الحقيقي وتُحسّن جودة التقدير الموقفي.
في المحصّلة، هدفنا إلى إعادة ترسيخ الحقيقة البسيطة العميقة: الإعلام ليس ملحقًا للأمن الوطني، بل جزءٌ مُؤسِّس في بنيته؛ فحين يشتغل بوعي ومهنية، يُصبح سلاحًا ناعمًا يحمي العقول، ويمنح صانعي القرار والجمهور أرضية مشتركة للتحرّك بثقة واتزان.
رفع وعي الجمهور بأن الإعلام رافعة أمنية لا مجرد قناة للخبر.
تمكين القيادات الإعلامية من نماذج تشغيلية واضحة للتواصل في المواقف المعقّدة.
تحسين سرعة الاستجابة للشائعات وتقليص أثرها عبر قنوات رسمية موثوقة.
تعزيز التنسيق بين المتحدّثين الرسميين والمؤسسات الإعلامية لصياغة خطاب متسق.
إدماج أدوات القياس والتحليل لقراءة نبض الرأي العام وتعديل الرسائل وفق المعطيات.
ترسيخ ثقافة المهنية والمسؤولية في تغطية القضايا الأمنية دون تهويل أو تمييع.
بناء شبكات تعاون بين الإعلام والمؤسسات الأمنية/الأكاديمية لتبادل الخبرات والمعايير.
تحديد موقع الإعلام ضمن منظومة الأمن الوطني وأدواره الوقائية والاتصالية.
أخلاقيات النشر والمسؤولية التحريرية في القضايا الحسّاسة، ومبادئ إدارة المخاطر الاتصالية.
آليات مكافحة الشائعات والمعلومات المضللة (تحقّق المصادر، سرد الحقائق، سرعة الإيضاح).
تصميم خطط اتصال قبل/أثناء/بعد الأزمات: الرسائل المفتاحية، الحوكمة، وحدات الرصد.
تكامل الإعلام مع الأمن السيبراني وتحليل البيانات العامة (OSINT) لدعم القرار.
قياس أثر الرسائل الإعلامية على الرأي العام والمعنويات وسمعة الدولة.
بناء قدرات غرف الأخبار: التدريب، المعايير التحريرية، الأدوات، وسياسات الوصول للمعلومات.
خبير سياسات الاتصال والأمن الوطني – مستشار استراتيجيات إعلامية للأزمات
مؤسسة متخصصة في دعم الأفراد والمؤسسات لتبنّي ممارسات مستدامة، تعزز الكفاءة وتحقق توازناً متكاملاً بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية